السبت، 11 فبراير 2017

هفوات التشريع المغربي في ما يتعلق بالذمة المالية




يمكن تعريف الذمة المالية للشخص على أنها مجموع ما يكون للشخص من الحقوق وما عليه من الالتزامات المالية الحاضرة والمستقبلة. فهي بالنسبة للتاجر تتمحور حول مجموع ضمانات الوفاء بديونه والتزاماته الناتجة عن تجارته، مفادها أن جميع أموال المدين ضامنة للوفاء بديونه، وهو ما عبر عنه الفصل 1241 من قانون الالتزامات والعقود الذي جاء فيه "أموال المدين ضمان عام لدائنيه، ويوزع ثمنها عليهم بنسبة دين كل واحد منهم ما لم توجد بينهم أسباب قانونية للأولوية".
وخلافا لمبدأ تخصيص الذمة الذي يستطيع الشخص بواسطته أن يخضع جزءا من ذمته المالية لمخاطر مشروعة ويستبعد أمواله الشخصية من ملاحقة دائني الشركة كما هو الحال في الشركات ذات المسؤولية المحدودة وشركات الأموال، فمبدأ الوحدة يقضي بأنه لا يمكن للشخص أن يتوفر سوى على ذمة مالية واحدة تشكل الضمان العام لجميع دائنيه.

وتعتبر شركات الأشخاص التي يسأل في إطارها الشريك مسؤولية مطلقة تضامنية عن ديونه  تكريسا لمبدأ وحدة الذمة المالية حيث يسحيل فصل ذمة الشريك التاجر عن ذمة الشركة كشخص معنوي.
ونظرا لما تكتسيه الذمة المالية من أهمية وضمان للوفاء بالديون، فقد حرص المشرع على محاربة كل أوجه التحايل أو التغليط وهكذا منعت المادة 39 من مدونة التجارة تسجيل التاجر بصفة رئيسية في عدة سجلات محلية أو في سجل محلي واحد تحت عدة أرقام.
ومرد هذا المنع هو اعطاء صورة حقيقية لكل المتعاملين مع التاجر وجعل ذمة التاجر ضمانا لديونه.
الا أنه، وحسب اعتقادنا، أن المشرع ترك هفوات كبيرة يمكن استغلالها لتغليط المتعاملين مع التاجر وتقديم ضمانات واحدة لتحملات مختلفة. وتتجلى هاته الهفوات في:
1-     عدم منع التاجر الشخص الطبيعي من أن يصبح شريكا في شركة الأشخاص، وهكذا ستتحمل ذمة مالية واحدة جميع الالتزامات الناشئة عن ممارسة الشخص الطبيعي لتجارته كما ستتحمل التزامات الشركة.
2-     عدم منع الشخص الطبيعي من أن يصبح شريكا في عدة شركات أشخاص حيث ستتحمل ذمة مالية واحدة التحملات الناشئة عن عدة شركات.
وللتدليل على هذا الوضع، نأخذ مثال تاجر ذمته المالية 100.000 درهم تكون ضمانا له كتاجر في معاملاته، وتكون ايضا ضمانا في شركة أو عدة شركات أشخاص. فالوضع أقرب ما يكون الى وضعية موظف يقدم بيان أجرته الى ثلاث ابناك (قبل تعميم النظام المعلوماتي) ويحصل بواسطته على ثلاث قروض لن يستطيع تحمل اقتطاعاتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق